كل مقالات ديمتري أڤييرينوس

إپكتيتوس – ألان

إپكتيتوس*

ألان

ألان**

“ادحض الرأي الباطل، تقضِ على الشر” – هكذا يتكلم إپكتيتوس[1]. والنصيحة تصلح لِمَن كان يتوقع نيل الشريط الأحمر[2]، فيمتنع عن النوم مشغول البال بأنه لم ينله. هذا غلوٌّ في تقدير سطوة قطعة شريط؛ حسب المرء أن يفكر فيها كما هي – قليل من حرير، قليل من صباغ أحمر – فلا يكدِّره الأمر. ويُكثِر إپكتيتوس من إيراد أمثلة قاسية؛ فهذا الصديق الصالح يصطحبنا من كتفنا قائلاً: “ها أنت ذا مغتمٌّ لأنك لم تقوَ على احتلال هذه المكانة المرغوبة في السيرك[3] التي تظن أنك حقيق بها. تعال إذن، فالسيرك خالٍ الآن؛ تعال والمسْ هذا الحجر الرائع؛ بوسعك حتى أن تجلس عليه.” الدواء هو هو إيَّاه لصدِّ جميع المخاوف وجميع المشاعر المستبدَّة: يجب الذهاب إلى الشيء رأسًا ورؤية ما هو.

Continue reading

الصورة – ج. كريشنامورتي

الصُّـورة*

ج. كريشنامورتي

ج. كريشنامورتي

 

كنَّا بصدد استقصاء طبيعة الحب[1]، وقد توصَّلنا إلى نقطة تستلزم، على ما أعتقد، المزيد المزيد من نفاذ النظر، المزيد المزيد من وعي المسألة. ولقد اكتشفنا أن الحب، بنظر أغلب الناس، يعني الراحة، الأمان، ضمانةً طوال بقية العمر للإشباع العاطفي المستمر. ثم يأتي واحد مثلي ويسأل: “هل ذاك حبٌّ حقًّا؟”، ويسألك أن تنظر إلى دخيلة نفسك. فتحاول ألا تنظر لأن الأمر مزعج جدًّا – تراك تفضل مناقشة الروح أو الوضع السياسي أو الاقتصادي الراهن –؛ لكنك، حين تُحشَر في زاوية لتنظر، تدرك أن ما خُيِّل إليك دومًا أنه حبٌّ ليس حبًّا على الإطلاق، بل هو ترضية متبادلة، استغلال متبادل.

Continue reading

الراصد والمرصود… – ج. كريشنامورتي

الراصد والمرصود، الرقيب، الإشراط*

ج. كريشنامورتي

ج. كريشنامورتي

 

ترانا ندرك وجود انقسام في الحياة، فيَّ، فيك. الـ”أنت” والـ”أنا” عبارة عن أجزاء عديدة. الذات مركَّبة من العديد من الأجزاء. أحد الأجزاء هو الراصد وبقية الأجزاء هي المرصود. الراصد يصير واعيًا بالأجزاء، لكن الراصد أيضًا واحد من الأجزاء؛ إنه ليس مختلفًا عن بقية الأجزاء. لذا يجب عليك أن تكتشف ما هو الراصد، المختبِر، المفكِّر: ممَّ هو مكوَّن؟ وكيف يحدث هذا الانقسام بين الراصد والمرصود؟ الراصد، نقول، هو واحد من الأجزاء. فلماذا فصل نفسه، فتولَّى صفةَ المحلِّل الذي يعي، القادر أن يسيطر، يغيِّر، يكبت، إلى آخر ما هنالك. الراصد هو الرقيب… حاصل الإشراطات الاجتماعية والبيئية والدينية والثقافية. أي أن الانقسامات الثقافية قررت أنك مختلف عن الشيء الذي ترصده… أنت “الذات العليا” وتلك هي “الذات الدنيا”، أنت المستنير وتلك هي غير المستنيرة. فما الذي خوَّلَه سلطةَ أن يدعو نفسه “مستنيرًا”؟ ألأنه صار الرقيب؟ والرقيب يقول: “هذا صواب، هذا خطأ، هذا جيد، هذا سيء، يجب أن أفعل هذا، يجب ألا أفعل ذاك” – وهي حصيلة هذا الإشراط، إشراط المجتمع، إشراط الثقافة والدِّين والأسرة، إشراط العِرْق بأسره، إلى آخر ما هنالك.

Continue reading

انظر إلى المدى البعيد – ألان

انظرْ إلى المدى البعيد*

ألان

ألان**

 

السوداوي، ليس عندي غير شيء واحد أقوله له: “انظرْ إلى المدى البعيد.” فالسوداوي يكاد دومًا أن يكون امرءًا يغالي في القراءة. العين البشرية لم تُصنَع لمثل هذه المسافة بتاتًا؛ فالأمداء البعيدة هي ما ترتاح إليه. تراك حين تعاين النجوم أو أفق البحر فإن عينك تكون مستريحة تمامًا؛ وإذا كانت العين مستريحة كان الرأس حرًّا والمشية أكثر رسوخًا؛ كل شيء يستريح ويلين حتى الأحشاء. لكنْ لا تحاولنَّ البتة أن تليِّن نفسك متعمِّدًا؛ فالإرادة فيك، حين تطبِّقها على نفسك، تشدُّ كل شيء بالوَرْب وينتهي بها الأمرُ إلى خنقك. لا تفكرْ في نفسك؛ انظرْ إلى المدى البعيد.

Continue reading

المادية الروحية والروحانية – ديمتري أڤييرينوس

“الماديَّة الروحيَّة” والروحانيَّة

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

الأنا المادية والذات الروحية لا يمكن لهما أن تلتقيا أبدًا،
وعلى إحداهما أن تتوارى، لأنه لا مكان ثمة لاثنين.
هـ.پ. بلاڤاتسكيا، صوت الصمت

 

لا بدَّ أن بعضنا قد تناهى إلى سمعه التصريح المنسوب إلى الكاتب وذوَّاقة الفن أندريه مالرو في أواخر ستينيات القرن الفائت: “القرن الحادي والعشرون سوف يكون روحيًّا spirituel (وبعضهم ينقل عنه قوله: “صوفيًّا” mystique) أو لن يكون!” فما مقدار معقولية نبوءة المفكر الفرنسي، بقطع النظر عن صحة نسبتها إليه؟ وماذا ترانا نعاين في واقع عالم اليوم، نحن الذين حَبَتْهُم الأقدارُ أن يكونوا من أبناء هذا القرن الوليد؟

Continue reading

في المرج الكبير – ألان

في المرج الكبير*

ألان

ألان**

 

لدى أفلاطون قصصٌ كحكايات العجائز، تشبه من هذا القبيل جميع حكايات العجائز، لكنها، عبر كلمات صغيرة بعينها يلقيها كما لو تلميحًا، تراها تدوِّي في أعماق نفوسنا وتضيء منها بغتة خبايا مجهولة. من هذه القصص قصة رجل يدعى إرْ Er، كان قد حُسِبَ في عداد القتلى بعد إحدى المعارك، ثم عاد من عالم الموتى[1] حالما تبيَّن الغلط، فروى ما رأى هناك.

Continue reading

أرضنا الرائعة! – ج. كريشنامورتي

رائعة هذه الأرض!
من كريشنامورتي لنفسه
*

ج. كريشنامورتي

26 نيسان [1983]

رأى المرء طائرًا يموت، وقد أطلق رجلٌ عليه النار. كان يطير طيرانًا جميلاً، يضرب بجناحيه ضرباتٍ موقَّعةً، بكل حرية وعدم خوف، حتى اخترقه رصاصُ البندقية، فسقط على الأرض وقد فارقته الحياة. ثم جلبه كلب، وراح الرجل يجمع طيورًا ميتة أخرى. كان يهذر مع صديقه، وبدا أنه عديم الاكتراث تمامًا؛ كل ما يشغل باله كان إسقاط أكبر عدد ممكن من الطيور، والأمر فيما يخصُّه ينتهي عند هذا الحد. إنهم يقتلون في أنحاء العالم كلِّها: تلك الحيوانات البحرية العظيمة الرائعة – الحيتان – تُقتَل بالملايين، والنمر وغيره كثير من الحيوانات باتت الآن أنواعًا مهددة بالانقراض. الإنسان وحده هو الحيوان الذي لا يؤمَن له جانب!

Continue reading