أرشيف التصنيف: تربويات

عن قطاف أزهار البرتقال – يوسف عبجي

عن قطاف أزهار البرتقال
في التربية المتكاملة

يوسف عبجي

يوسف عبجي*

 

لو وُجِدَتْ مدرسةُ حياة، كتلك المدارس الشائعة في مصر القديمة، مدرسةٌ تتأسَّس على الجانب العملي من الحياة وحده (كأنْ تجعل من فكِّ رموز الحروف وتدوينها فنًّا قائمًا بذاته)، لكانت حصَّة فجر اليوم الدَّرْسية مخصَّصة لقطاف أزهار البرتقال ولتمييز أصوات الطيور، ولَمَا تخلَّلتْها كلمةٌ واحدة – ولعلَّها مهمَّة شاقة بنظر أغلب أبناء المدن الحديثة!

Continue reading

المحبة – ديمتري أڤييرينوس

ترياق العنف الأوحد

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

لا يلطَّف الصراع بالكراهية؛ يتوقف الصراع بالمحبة – ذاك قانون أزلي.
البوذا گوتاما

 

هل يُعقَلُ أن يكون في محبةٍ ولطفٍ نبديهما حيال الآخَر شفاؤه من جراح العنف والقسوة فيه، لا بل إغناءٌ لنا وله على حدٍّ سواء؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا إذن نُشرَطُ ونُربَّى ولماذا، بدورنا، نربي أبناءنا ونُشرِطُهم على الردِّ “عينًا بعين وسنًّا بسن”؟!

نقسو ونَعْنَف حين يستبد بنا الجزع أو الكراهية؛ ونحن نجزع أو نكره لأسباب متنوعة. غير أن هناك اعتقادًا مغلوطًا سائدًا بيننا، مفاده أن علَّة الجزع والكراهية موجودة خارجنا. كثيرًا ما نحيا في ظروف لا نستحبها وليس في ميسورنا تغييرها؛ ومنه فإننا، حين نجزع أو نكره، نحمِّل “الآخر” مسؤولية مأزقنا: ننحو باللائمة على النظام، على السياسيين، على دين بعينه، على “العدو”؛ لا بل قد نذهب إلى تحميل الشمس مسؤوليةَ السطوع سطوعًا شديدًا والعصافير مسؤوليةَ الزقزقة زقزقةً صاخبة! وفي هذه الحالات جميعًا، لا نعترف بأن ما يتسبب في جزعنا هي الكراهية المعتملة في نفوسنا نحن.

Continue reading

المعرفة والمدرسة – ميخائيل نعيمه

المعرفة والمدرسة*

ميخائيل نعيمه

ميخائيل نعيمه**

 

لو سألتموني أن أحدِّد لكم بكلمة واحدة غاية الإنسان من حياته لقلت: المعرفة. ولو سألتموني ما الذي أعنيه بالمعرفة لأجبتكم: معرفة الإنسان لنفسه. فالإنسان بروحه عالَم تجمَّعتْ فيه كلُّ العوالم، من منظورة وغير منظورة. فهي لا وجودَ لها إلا فيه. وهو إنْ عرف ما فيه عرف كلَّ شيء. لذلك لا قيمة عندي لكلِّ جهوده إلا على قدر ما تُدْنيه من معرفة نفسه. ولا ثمن لما يلتقطه هنا وهناك من المعلومات الحسِّية إلا إذا ترجَمَها إلى معانٍ روحية.

لقد يستوعب الواحد منَّا كلَّ ما توصَّل إليه الناس من معلومات طبيعية أو فنية أو تاريخية أو سواها. لكنَّه ما لم يجد فيها فوانيس تنير لهُ زوايا نفسه المظلمة بقي بعيدًا عن المعرفة وكان مَثَله مَثَل رجل أضاع مفتاح بيته فراح يجمع مفاتيح. وإذ عاد بعد غربة طويلة لم يجد بين كلِّ ما جمعه ولا مفتاحًا يفتح به باب داره، فظلَّ خارجًا وظلَّ غريبًا، ولم يكن نصيبه من المفاتيح التي جمعها سوى التعب والشقاء والحسرة.

Continue reading